اجعلوا اربيل منطلق الحوار لبناء الدولة العادلة وانتخبوا رئيسكم القادم

بروح الوعي ومحددات التاريخ لا بروح المجاملات والتبرير



احمد ناصر الجبوري



لو قيّض وقدر لكل عراقي أن يمارس حقه المشروع في (صيغة العراق) القادمة لتحول هذا البلد الجميل إلى واحة أجمل ومدرسة نموذجية في فضاء السياسة الدولية، دونها ممالك وبلدان العالم الديمقراطية كسويسرا وألمانيا واسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فهدف جميع العراقيين لايكمن ببناء نموذج شمري أو محمداوي أو جبوري أو عبيدي أو ساعدي، بل هو في هذه الفسيفساء العشائرية والحزبية والقومية والدينية المتنوعة مجتمعة، أن العراق الذي تتوق إليه الرئة العراقية المنفية في الداخل و الخارج أكبر من التوصيفات السياسية الجاهزة والصيغ الفكرية الوافدة، ولن يكون العراق عراق كل المواطنين العراقيين إلا عبر الاسترشاد بالأسس والثوابت التاريخية التي تشكلت على أساسها (المواطنة العراقية) البعيدة عن دساتير (البعث العربي الاشتراكي وميشيل عفلق وساطع الحصري أو عراق ومواطنة المشروع القومي وانتهازية عبد الرحمن النقيب براغماتية الفرص التاريخية التي كانت تهدف وقد هدفت بالفعل إلى تحويل العراق محمية استعمارية عاشت فيها الأكثرية الخراب والدمار وحطام البنى الاساسية لحساب فئة من الأقلية كانت ولم تزل تعمل بنوايا إبعاد أهل العراق والاستعانة بالاستثناءات (الطائفية) لتأسيس العراق القادم.

ومن هنا تتبدى فكرة ترشيح هذا الشخص أو ذاك لقيادة العراق في المستقبل لتلتقي في الحقيقة مع ذات الأحلام السياسية الوافدة التي دمرت اسس ومواصفات وخصوصيات المواطنة العراقية الحقيقية وجلبت للعراقيين نموذج النقيب ليكون حارس البوابة الطائفية والأمين على مصالح وامتيازات فئة من (الأقلية) لم تكن تعرف أنها استخدمت جزء من طبخة مشروع صادر العراق ارضا وشعباً.

الاخوة في لجنة المتابعة:

هناك ذهنيات وعقليات لم يزل مرض استثمار الفرص السياسية معشعشاً فيها، مستشريا في اعماقها، وقد بدا هذا المرض واضحا في مجمل الطروحات والرسائل والدعوات التي بدأتم تستقبلونها على هامش انعقاد جلسات اجتماعكم في اربيل العراقية.

ان اصحاب هذه الرسائل وبسبب وجود الديمقراطية الهائلة في فضاء المعارضة العراقية وامكانية حصول اختراقات من هذا الطرف أو ذاك لمجرى الأسس والثوابت التي اعلنها مؤتمر المعارضة العراقية في لندن يحاولون الايحاء بأنهم يمثلون ارقاما مهمة وأساسية ليس في سياق تجربة المعارضة العراقية الكفاحية ونضالها الوطني الطهور ضد (عصابات الكونترا) في سلطة 1963 و1968 بل في كيان الصياغات السياسية النهائية للمستقبل البلاد والسيادة والادارة والحكم ونحن نعجب في الحقيقة من (قلة الحياء) التي يشطب بها هذا الفريق الطائفي المنقوعة اياديه بدم الأبرياء والمحرومين أو من الذين كان لهم اسهام في ادامة ماكينة الحكم الدموي، على تاريخ اجرامه وخدمته للسلطة وتصفيقه لها ويقدم نفسه داعية للمحبة والتسامح والنظام العادل وفجر الحرية ويسارع على طريقة الجزراوي والمجيد والدوري بتقديم (شرف) الولاء لاشخاص في المعارضة ليكونوا في موقع (رئاسة جمهورية العراق القادم) وضرورة هؤلاء، ان العراق يحتاج الى (رجل متمرس بالسياسة وخبرة التعامل مع الشيطان) نافيا بذلك وجود الخبرة والممارسة والتاريخ النضالي عن بقية الشخصيات الوطنية والاسلامية المجاهدة التي لم تصافح جلادها يوماً ولم تجر معه أية تعاملات أو علاقات من أي نوع كان!!

ما هذا الهراء ايها السادة المطالبون بوضع (وصفة) عبد الرحمن النقيب على طاولة لجنة المتابعة والعودة بالعراق الى عهود التخلف والطائفية والانتهازية السياسية وتجارة المارلبورو واقصاد الدم الطهور الذي سال بحرارة في أودية العراق واهواره وجباله؟

ماهذا الطرح المخبول غير القائم على اصالة المواطنة والوفاء لدماء العراقيين وشهدائهم وتضحياتهم العزيزة؟

ان هؤلاء الذين يحاولون فرض رئيس من داخل وصفة النقيب ـ برسي كوكس، ومن خارج سقف معادلات العمل الوطني، يريدونا بل يريدون فرض وصاية المستعمر مرة أخرى واقرار (مبادئ) سبق واقرتها سياسات المستعمر لكيلا يعود العراق الى حكم؟؟ ذاته على قاعدة التنوع ونسبه!

هؤلاء لم يكن هدفهم (تنصيب) هذا الشخص أو ذاك والنفخ به، وهم الذين يصرخون قبل المؤتمر الموسع بالولاء لمبدأ تنصيب حاكم أمريكي ان هدفهم (ارعاب) المعارضة من الحاكم العسكري الامريكي لكي ينفتح المجال أمام حاكم يتم تنصيبه بالتوافق مع (فئة) الاقلية.

ان خيار الفيدرالية جعل من بعض مرشحيها لرئاسة العراق يميلون الى صيغة ضمان هذا الخيار بالحضور في هيئة الرئاسة ورغم مشروعية ترشيح أي قيادي في لجنة المتابعة على أساس حصص مؤتمر صلاح الدين شرط ان لايتعداه الى ما هو حق للاكثرية العراقية المسحوقة وممثليها الشرعيين، هؤلاء الذين لايمثلون اهداف الاكثرية بل هم الاقدر على تحقيق اهداف كل الاقليات في عراق المستقبل.

الاخوة في لجنة المتابعة المحترمون:

لقد قامت الدولة العراقية عام 1921 على جهود ودماء وتضحيات شيعة العراق، لكن (خللا تاريخياً) اقصى عرب العراق عن أخذ دورهم وحضورهم الرشيد في كيان الدولة العراقية، ونحن نشعر ان هذا الخلل الذي تسببه النقيب / مع تحفظاتنا علىتمثيله حقيقة الطرف العربي السني بدأ ينبعث من جديد ويبعث معه رمم جثة النقيب ليعود هذا النموذج حاكماً بصور ومظاهر وشخصيات لن تتعامل مع التنوع العراقي الا بذات الوصفة (الدكتاتورية).

ان الغيورين على مستقبل افضل لشعب العراق يخشون من الانطلاقات والمنطلقات الذاتية المزاجية المتخفية بعنوان الحرص على الشعب العراقي، وهي تمارس طريقتها النقيبية في توزير او ترأيس من تشاء لحكم العراق، وفي الحقيقة ان العراقيين ليسوا ضد الامنيات والأحلام والرغبات الشخصية المشروطة باحترام تقاليد وتاريخ واصالة الحركة الوطنية العراقية، انهم بالتأكيد ضد ان تتحول المزاجية في اختيار الاشخاص ولحاجة في النفس وطغيان التعصف الفئوي والعصبوية الطائفية الى مقياس ان لم نرتفع اليه قسرا فنحن في نظرهم شعوبيون وطائفيون وعديمو خبرة وأهلية وتجربة في الادارة والحكم، وبالتالي فنحن ضد الله والتاريخ والامانة والوطنية.

كما تقتضي الوطنية ان نجري مراجعة موضوعية مخلصة ووقفة مع الذات نستذكر فيها مواقفنا وتاريخنا و(وطنيتنا السابقة) وكل مايتعلق بالسلوكيات والاخلاقيات والارتباطات والماضي قبل أن نطلق النار على القوى الوطنية، وبهذا الكشف وقياس الماضي يمكننا اتهام هذا الطرف وتنزيه الآخر، وان نكون في موقع ادانة الآخرين من أن نكون طرفا مداناً بسلوكه وماضيه، ان اعلى درجات الوطنية الاعتراف بالخطيئة، ألم نطالب صدام الاعتراف بخطيئته والتنحي عن السلطة؟ و(المعارض) الوافد على طريقته لساحة المعارضة عليه أن يكون وطنيا في دعواته ورسائله للمعارضة العراقية عبر الاعتراف بخطاياه وقبول ادانته، لأن هذا القبول سيرفعه بين الناس ويضعه في قلب الحقيقة ويدفع العراقيين الى مراجعة ذاتية ازائه، لكنني على ثقة أن هؤلاء (المعارضين) على طريقتهم لن يستجيبوا لنداء الحقيقة عبر الاعتراف بحقيقة الولاء للسلطة والوفاء لها وغاية ما يفعلونه التستر على جريمة الولاء وسوابقه الرخيصة والعودة الى ذات الاسلوب القديم في النفخ بأي (صدام) ولو على جثث العراقيين وجوعهم للحرية.

ان سنة العراق أبناء عبد العزيز البدري والعاصي أكبر من ان يمثلهم هؤلاء المبهورون بالسلطة وبريقها، هذا المرض البريطاني المعشعش في صدورهم، وهم مطالبون بموقف تاريخي نبيل يزيل شبهة الالتحاق والتبعية لمن يحكم أو يتصدى زوراً وبهتانا لحقوق هذه الطائفة وهو عنها وعنهم بعيد بعد المشرق عن المغرب.

اننا نشعر ان إخواننا السنة في العراق مطالبون بموقف واضح ازاء من يمثلهم لكي يتسنى للمعارضة العراقية وتكويناتها الاساسية التعبير عن تمثيل السنة في مؤتمراتها ولقاءاتها واجتماعاتها وترتيباتها العملية لمرحلة ما بعد صدام.

هذه اسئلة حقيقية يجب الاجابة عليها من قبل اخوتنا وشركائنا في العيش المشترك من ابناء السنة والا لو بقي السؤال فارغاً من مضمون الاجابة الحقيقية فنعتقد ان الاخوة ابناء العامة ليسوا في وارد المشاركة السياسية في المستقبل، ان الاجابة الحقيقية هي ان التيار والجماعات الاسلامية السنية التي دخلت لجنة المتابعة يفترض ان تمارس دورها في الاختيار ومناقشة كل المسائل المتعلقة بالمستقبل لأن هذه الشخصيات احق وانزه واكثر اقترابا لروح الطائفة من، أولئك الذين خرجوا من احضان السلطة ومذهب عفلق وشبلي العيسمي، وفرق كبير بين من يخرج من حزب عفلق وعقيدة صدام وسنة ساطع الحصري ممن يخرج من معادن وتاريخ الفاروق وابي حنيفة وابي بكر.

الاخوة في لجنة المتابعة المحترمون.

ان شيعة العراق لم يدخلوا لجنة المتابعة (وهي جنة وفرصة عند غيرهم) من باب كونهم من الناصرية والكوت والعمارة، وهو مصطلح وتوصيف مناطقي رخيص، بل لأنهم عرب العراق واكثريته وهم من ارتبطت بهم عناوين العمليات الاستشهادية والنوعية وهز أركان السلطة ومن لازالت السجون والمعتقلات تكتظ بأحرارهم وأبرارهم وهم الذين فجروا ثورات العراق وانتفاضته وحركاته السياسية، لذا فان وجودهم والمكانة التي حصدوا مقاعدها وحضورها بجدارة هو وجود فعلي حقيقي غير مزور ولم يأت بالصفقات والعمولات والرشاوي وتمسيح الاكتاف ويكفي أن إمام العرب في العراق لو دخل أي مدينة عراقية (أي مدينة) سنية كانت أم شيعية فسيستقبل بحفاوة الرجال الثوار والقادة الكبار.

فدعوا الحكم لاهله والعراق لشعبه فعبد الرحمن النقيب مات وبرسي كوكس مات (ومن يَتَولهم منكم فهو منهم).

ولاحول ولاقوة الا بالله.


(: